لديك استفسار؟

اكتب ما يدور على بالك هنا، أو كلمات مفتاحية للموضوع أو الدرس الذي قد تكون تبحث عنه

الثقافة اليابانية مما نراه في الأنمي

بسم الله الرحمن الرحيم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ملاحظات قبل البدء:

– أحاول في المدونة الاعتماد على الكتب والمراجع وعدم ترجمة مقالات ويكيبيديا وما شابه.

– كل ما في هذه التدوينة بخصوص المجتمع على وجه التحديد لا ينطبق على كل الحالات، فالمجتمع يتحور بمرور الوقت ليأخذ الأسلوب الغربي.

لا يخفى على كثير منكم ارتباط الأنيمي الذي نشاهده بشتى جوانب اليابان: الحياتية، الرياضية، الثقافية، الاجتماعية، وحتى اللغوية وغيرها.

لعل ما أريد إيصاله هنا، هو أن فهم المشاهد الياباني للأنيمي قد يختلف قليلًا عن فهم المشاهد العربي، فالمشاهد الياباني بطبيعة الحال يفهم أكثر لأن الأنيمي صادر من بلده، وثقافة الكاتب أقرب لثقافته.

ولذا، سأكتب اليوم بعض المشاهد التي نراها في الأنيمي، ونظن أنها غريبة نوعًا ما، دون أن ندري أنها ضمن حياة اليابانيين وثقافتهم، عسى أن نفهم هذا العالم بشكل أفضل.

سأتحدث عن المجتمع الياباني، المجتمع الياباني قد يكون من أكثر المجتمعات تعقيدًا في العالم، ولن يقدر أي شخص من الخارج أيًا كان على الاندماج به بسرعة وسهولة.

من الضروري أن نعلم أن اليابان لها مرحلتين أساسيتين، مرحلة ما قبل الحرب العالمية الثانية 1945، والمرحلة التي بعدها، قبل الحرب العالمية كانت دولة فريدة تمامًا بمجتمعها، وبعد الحرب العالمية احتلتها أمريكا لـ 7 سنوات من عام 1945-1952 وأجبرت اليابان على تغيير الكثير كما تفتح المجتمع للخارج بشكل أكبر، وما زال يتغير أكثر نحو الثقافة الغربية.

رينبو مدونتي

أنيمي Rainbow يصوّر لنا بعض من حال اليابان القاسي بعد الحرب، من حيث انتشار البطالة والدعارة والفقر وقلة الموارد، بعد الحرب مباشرة بدأ تركيز اليابان على النمو الاقتصادي وتهميش كل ما هو سياسي حتى أصبحت من أقوى الدول اقتصاديًا.

في السابق، قبل عام 1868، كان المجتمع الياباني مجتمع طبقات، أي أن هناك أناس من الطبقة الدنيا الذين يستحقرهم الجميع وهناك طبقة أعلى منها وأخرى أعلى منها وهكذا، لهذا نشأت ألقاب التشريف، والتي تحدثت عنها في تدوينة سابقة (يرجى زيارتها قبل الإكمال). ورغم انهيار مجتمع الطبقات عام 1868، إلا أن ثقافة الطبقات تلك ما زالت موجودة إلى يومنا هذا، ليس بالضرورة من ناحية النسب، ولكن هناك الاحترام للمعلم والطبيب وكل من لديه شأن عالٍ، خصوصًا المتعلمين. كما أن هناك احترامًا للأب والأم، واحترامًا لكبار السن. هذا الاحترام يكون باختلاف طريقة الحديث مع الشخص، واختلاف درجة الانحناء عند التحية، فالانحناءة الأعمق تعني الاحترام الأكبر، والشعب الياباني حساس في هذه الأمور، قد تسمع شيئًا مثل “يا للتكبر، لم ينحنِ كما يجب!”.

عند التقاء شخصين في مقابلة عمل على سبيل المثال، يتبادلان بطاقات عملهما والتي تسمى ميشي mesihi، فالغرض من هذه البطاقات ليس الحصول على أرقام الهواتف أو البريد بقدر ماهو معرفة منصب ومنزلة الشخص الآخر، وتحديد منزلتك أنت منه، فمدير فرع إحدى الشركات ليس بمكانة محاسب في بنك على سبيل المثال. يتبادل اليابانيون البطائق بكلتا اليدين مع انحناءة بعدها.

البطاقة

استلام البطاقة بكلا اليدين.

مما نرى في الأنيمي أحيانًا، الزواج المرتّب، عندما يرتب والدا الفتى والفتاة موعدًا بينهما حتى يتقابلا ويتعرفا على بعضيهما قبل زواجهما، وفي الغالب لا يكون الفتى والفتاة على معرفة سابقة قبل هذا اللقاء.

هذا الزواج المرتب يسمى أومياي omiai أو مياي miai، وكان هو النوع الشائع من الزواج قبل الحرب، فقبل الحرب كانالزواج يستخدم كوسيلة للربط بين عائلتين وتقوية علاقتيهما، عن طريق تزويج ابن إحدى العائلتين بابنة العائلة الأخرى، الأمر الذي يتم في الغالب دون أخذ موافقة الفردين، فينشأ هذا الزواج الذي هدفه الربط بين العائلتين وتقوية الاستقرار واستمرار الذرية.

ساتو

في الوقت الحالي، تبلغ نسبة الزواجات المرتبة حوالي 10% فقط من مجمل الزواجات.

بعد الزواج يكون عمل الزوجة مختصًا بالمنزل في أغلب الحالات، فالمرأة لا تزال تعاني من العنصرية في مجتمع اليابان، راتبها أقل من رواتب الذكور ويُضغط عليها لترك عملها بعد زواجها، وتُجبر على ترك العمل بعد ولادتها. لهذا يكون الرجل المصدر الرئيسي للدخل بعمله والمرأة هي التي تربي الأولاد منذ صغرهم. ويرتبط الأبناء بالأمهات أكثر من الآباء، لدرجة استمرار نومهم بجانب أمهم حتى يكبرون، بينما يبدو الأب أبعد قليلًا من الأم عن الأولاد، فكما قلت هويعمل حتى ساعات متأخرة مثل السابعة أو الثامنة، وحتى بعد خروجه من عمله قد يذهب إلى الحانة مع زملاء عمله فيرفهون عن أنفسهم بعيدًا عن ضغوط العمل، لهذا ترى شخصية الأب مهمشة في كثير من الأنيميات، لأنه لا يتواجد في البيت كثيرًا. بالإضافة ذلك، إلى أن هناك مشكلة ازدياد أعداد الأمهات بلا زوج (مطلقات أو أرامل أو لم يتزوجن)، ويدعون بالأمهات العاملات، وهذا تفسير آخر أيضًا لاختفاء شخصية الأب.

هل قلت أن المجتمع الياباني مبني على الجماعة؟ حسنًا، عكس المجتمع الغربي الذي يشجع الاستقلالية والحرية الفردية، فإن تشجيع ودعم وتكوين المجتمع الياباني من الجماعات يفسر الكثير جدًا من ثقافتهم. فعندما يغيب الشخص عن العمل، أول ما يفكر به هو العبء الذي كلفه لزملائه بغيابه، وعند فشل الطالب دراسيًا يرى أنه أطاح بسمعة العائلة، والفضائح في اليابان لا تختفي من سجل الشخص بسهولة، وستسبب له ولأنجاله من بعده الخزي. هذا يفسر أيضًا واحدٌ من معتقدات اليابانيين الفريدة، وهي ثقافة العار. تخيل أنك سرقت شيئًا ما، ما سيقلقك هو تأنيب الضمير والشعور بالذنب (ناهيك عن الوازع الديني)، في المقابل، لا يبدو للياباني ضمير يؤنبه في هذه الأحوال، وما يقلقه هو انتشار خبر السرقة بين الناس وتلطخ سمعته وسمعة عائلته لهذا السبب. لا يمكن الجزم بالنقطة الأخيرة، حيث أنه يمكن للياباني أن يحس بتأنيب الضمير لأنه أفسد سمعة عائلته، ويمكن لك أن تحس بالعار بعدما صارت سمعتك في الحضيض. يرى اليابانيون أصحاب ثقافة الضمير أشخاصًا أنانيين، بينما يُنظر إلى اليابانيون وثقافتهم المتعلقة بالعار أنها خالية من المبادئ.

اوكازاكي

Clannad: After Story، سمعة العائلة مهمة جدًا في اليابان، وإلا ما كان أوكازاكي خسر عمله المستقبلي المشرق بسبب دخول والده السجن.

في حال كان العار المتسبب من قبل الشخص لدرجة لا يتحملها، فإن هذا قد يؤدي إلى انتحاره، وثقافة الانتحار هي الأخرى منسدلة من الأزمنة السابقة في اليابان، عندما كان الساموراي ينتحر خوفًا من مواجهة رؤسائه بعد فشل مهمته، وسبب آخر للانتحار يكمن في إعطاء عائلة الشخص مبلغ التأمين على الحياة بعد موته لمساعدتهم بعد طرده من عمله مثلًا، وعدم قدرته على إعانتهم ماديًا.

كونان مدونتي

تكثر الجرائم بدافع الحصول على مبلغ التأمين على الحياة في كونان.

يلجأ اليابانيون للانتحار قفزًا من فوق مبنى في أحيان كثيرة، تاركين خلفهم أحذيتهم موضوعة بشكل مرتب، سبب ترك الأحذية ليس واضحًا تمامًا، يقال أنه لترك قذارة هذه الدنيا وعدم حملها للعالم للآخر، أو لتوضيح أن الموت كان انتحارًا وليس جريمة قتل، وقيل أنه لتسهيل إيجاد الجثة فيما بعد.

احذية مدونتي

الى اللقاء ف مدونة اخرى 🙂


لكاتبه animationarea
بتاريخ  10-12-2024 منقول من الرابط التالي